السبت، 4 يونيو 2011

يوميات مواطن مطحون


  "يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم "هي أول كلمات يفتتح بها أي مصري يوم؛وذلك دعوتا إلي الله تعالي أن يملئ يومه بالخير والرزق،وكذلك أن يعينه علي مشقات اليوم.
وأهم مشقات اليوم هي وسيلة الموصلات التي أصبحت تشكل العبء الأكبر علي المرء بدلا من أن تكون مصدر لراحته، فبعد أن ينزل الإنسان من البيت وهو في أسوء فتراته اليوم يبدأ في البحث عن وسائل العذاب. وتبدأ أوائل مسلسل العذاب بالانتظار بحثا عن الوسيلة،فلابد من الانتظار طويلا حتى الأتوبيس أو المترو أو الباص،وقد يطول الانتظار حتى يفوق نصف الساعة تقريبا،والبشر كلها في الانتظار وهي لا تكاد تطيق نفسها من نفاذ صبرها،وأطرف ما أراه في الموضوع أن ذلك يعلم المواطن عدم نفاذ الصبر،وطيلة البال إلي ابعد الحدود.
المهم بعد فاصل طويل من السب واللعن – وعذرا لذلك اللفظ ولكنها الحقيقية كاملة- يصل الأتوبيس يتمختر أو كأنه يسير في زفة،وهنا يأتي أصعب ما في الموضوع وهو كيف تركب!
إنني شخصيا لا أشعر بنفسي إلا وأنا داخل العربة والناس جميعا تحشو نفسها رغبتا في الدخول،فالوقت أزف ولابد من الوصول سريعا وإلا.......،المهم يحمد كل واحد ربه علي الانتهاء من الحلقة الأولي في المعاناة،ليبدأ في الكفاح من أجل أن يتيح لنفسه المكان كي يقف مستريح حتى لو كان ذلك علي حساب الآخرين،لتبدأ رحلة الكفاح داخل ذلك الصندوق الذي يشبه علبة السردين التي تكاد تنفجر مما تلقيه من معاناة،فالكل يريد أن يقف ،ويكون لدي البشر في تلك المرحلة بالذات رغم الظروف التي تعيش بداخلها رغبة قاتلة في التشاجر مع الآخرين.
وعن تجربة شخصية تكاد تكون يومية اعتقد أن الناس يحاول تسلية وقتهم في تلك الأثناء أملا في تخفيف حدة الوقت و الملل الذي يمرون به في ظل اللحظات العصيبة التي يأخذها المترو أو الأتوبيس من المحطة إلي الأخرى ،فمنذ مغادرة المحطة وتبدأ الزحمة وأصوات الكلاكسات المزعجة التي تخنق المرور أكثر وأكثر.
إلي متي سنظل نعيش تلك الأزمنة يوميا من انتظار بالساعات ومشاجرات والبهدلة بين الناس ذهابا وإيابا ،دون وضع أي احترام لسن أو مكان أو ظرف أو حالة إنسانية.
إلي متي سينفذ صبرنا منذ الوهلة الأولي لاستقلال المواصلات ولا نحتمل غيرنا من سيدة أو مسن أو طفل بصحبة أمه يكاد يختنق من الزحام وعدم القدرة علي الاحتمال،أو حتى نحتمل بعضنا البعض.
إلي متي سيظل الشارع الصباحي مصدر كره للجميع بما يملاه من زحام وتدهور حالة المرور بشكل يوصل إلي انفلات الأعصاب.
لابد لنا علي الأقل إن لم نسطع التقليل من كثافة المرور الصباحية وزحام المرور بالطلبة والسيارات والناس فعلينا أن يحتمل كلانا بعضنا البعض من أجل وصول كلامنا بسلام وأن يبدأ الإنسان رحلته اليومية بمزاج طبيب ورغبة حيوية في الإنتاج بشكل فعال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق