السبت، 4 يونيو 2011

العالم الثالث


     العالم أصناف وألوان وأشكال ، حتى مجتمعنا نفسه فهو ينقسم إلي عدد لا نهائي من العوالم ،  إلا أنه يمكننا تقسيم مجتمعنا المصري تبعا للتقسيم العالمي إلي : عالم أول " متقدم " ، عالم ثاني " بين الأول والثالث " ، عالم ثالث " نامي " .
هذا هو التقسيم الذي علي أسسه تقوم الدول ، وكل عالم من العوالم يستفيد من الآخر بقدر ما يحتاجه منه ، ولهذا تقريبا يتحقق الاكتفاء نوعا ما بين معظم العوالم الثلاثة ، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد استغلال لواحدة علي حساب الأخرى .
   فنجد مثلا أن العالم المتقدم من أبرز الخدمات التي يقدم للعالمين الثاني والثالث أنه يسعي بكل ما أوتي من علم وتقدم وفكر إلي تقديم كل ما هو جديد ومتقدم للبشرية ، وفي سبيل ذلك قد يقوم ببعض الممارسات التي قد تؤذي هذه العوالم . أو قد يقوم باستنفاذ الموارد الطبيعة والبشرية للعوالم الأخرى بأقل القليل ، ثم يقوم بعد إنتاجاها بتصديرها إلي تلك الدول مرة ثانية بأعلى الأثمان , وفي جميع الأحوال الفائز هو لأنه استورد وصنع وأعاد التصدير مرة ثانية إلي نفس الدول لكي تبقي دائما في الصادرة .
  اعتقد أن حياتنا ومجتمعنا لا يختلف في طبقاته عما يحدث كثيرا بين الدول ، فنحن بطبقاتنا الغنية والمتوسطة والفقيرة ، فهناك انفصال لا متناهي بينهم جميعا ، فالطبقة الفقيرة وصلت إلي أدني مستويات لدرجة جعلتهم حتى يحاولون الوصول إلي لقمة العيش إما بالشحاتة  أو بالسرقة أو حتى بالبحث عن لقمة العيش في القمامة مهما كانت اللقمة ، ورأيهم أن الحل هو أن تهبط عليهم المعجزة من السماء حتى تنقذهم من الفقر ، وتسعي بكل الطرق إلي أن تستجدي عطف الآخرين وصولا إلي المال ولقمة العيش ، ومكان آدمي بسيط يؤويهم .
للأسف سقطت تلك الطبقة من حسبان الطبقة الغنية إلا من رحم ربي ، لكنها للأسف أصبحت قنبلة موقوتة داخل المجتمع ، تحاول بكل الطرق التشبث بالحياة ، وبكل أسف نحن لا نلتف إلا للتقدم ومشروعات التنمية التي لا أراها تمس تلك الشريحة .
 أما الطبقة المتوسطة فهي طبقة الرقص علي السلالم التي لا تقع بين السماء والأرض ، تعيش تدبر حالها علي قدر ما يتوافر لها من موارد ، الأمر الذي يجعلها كل يوم تعيش في حال مختلف عما قبله وما بعده ، وكل ما يعنيها في الحياة هو العيش لا غير .  قد تنظر تلك الطبقة إلي من هم أعلي منها علي أنهم يعيشون في رغد كامل ، بل إن هذا الرغد هو سفه ، وينظرون إلي من هم أدني منهم علي أنهم يستحقون الشفقة والرحمة والإحسان ، ولكن ما باليد حيلة ، ورأيهم أن الحل هو أن تحتويهم الطبقة الغنية بما لديهم من مال ليس عطفا أو من خلال الإحسان ، بل من خلال أن يقوم بعمل مشروعات حقيقية تخدم كل من في الوطن وتدر علي هؤلاء الأغنياء دخل ولا يخسرون أي شئ .
 أما رأس الهرم أو في القمة فهي الطبقة الغنية التي تنقسم من نفسها إلي قسمين : القسم الأول وهو الذي يحاول ببعض من إمكانياته - وليس جميعها - لمساعدة الطبقة التي تحتها من أجل تخفيف بعض معاناتها ، لكن في اعتقادي أنها لو استثمرت كل ما لديها من موارد وإمكانيات إضافة إلي ما تمتلكه الطبقة الأخرى سيؤدي بهم في النهاية إلي ما يصل بهم وبالمجتمع عامة إلي التنمية الحقيقة التي تحتاجها البلد .
  أما القسم الثاني من قمة الهرم فهو لا علاقة له بالمجتمع من الأساس ، ويري أن الطبقة الأدنى منه تحقد عليه وعلي ما لديهم من مال ، والحل في رأيهم أن تقوم تلك الطبقة بالبعد عن هذا المجتمع وأن تعيش حياتها بطريقة الاستمتاع دون النظر إلي أي شئ آخر .
هذا هو حال مجتمعنا الذي أصبح كالقطيع الذي وجد فريسة وكل واحد يسعي إلي أخذ نصيبه منها ، ولكن هذا الفريسة لا يفوز بها إلا واحد ، ويظل الآخرون ينظرون إليه وهو يستمتع بالفريسة وحدة ، رغم أن الإيقاع بها تم وفق ترتيب جماعي .
 لو نظرنا مثلا إلي أعداد العاطلين في البيوت أو المقاهي ، هل من المعقول أنهم جميعا لا يملكون المؤهلات والخبرات أو حتى المسئولية للعمل ، قد يكون هنا منهم من لا يملك المهارات ويحتاج إلي التدريب من خلال بعض المتخصصين والذي بمرور الوقت سيتحول بمرور الوقت إلي مهارة ، والتي قد يحاول البعض تطوريها بما لديه من مواهب إلي تكنولوجيا متطورة وهو بالتالي إنتاج متزايد ومتطور .
 كذلك لابد لنا من محاولة العودة استخدام وتطوير الصناعات اليدوية والحرفية التي كانت تعد في وقت من أوقات أهم ممثل لمصر في الخارج لما تدل عليه من عبقرية وحرفية الشعب المصري ، لكنها تراجع في وقت من الأوقات أما الصناعة الآلية والتي في نظر الكثيرين توفر في الكثير من الوقت والمجهود .
نحن الآن في حاجة إلي العودة إلي كل الأمجاد القديمة لا للتفاخر أو التباهي بما صنعه القدماء فحسب ، بل لكي نحاول أن نهتدي بدربهم في الإصلاح كما فعلوا في كبواتهم ، لعل ذلك يكون السبيل إلي العودة بمجتمعنا إلي نوع بين التوازن بين طبقات الهرم ؛ لأن الحاجة لا تولد إلا التفكير في إشباعها دون النظر إلي السبيل لإشباعها ، فالغاية تبرر الوسيلة .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق