الخميس، 14 مارس 2013

أنا العاجز



أنا العاجز
  أنا العاجز ليس لأنني لا أملك ساق أو ذراع، أو ليس لأنني لا أري أو أسمع أفكار وآراء من هم حولي، ولكني أشعر بالعجز لأنه ليس لدي الأداة التي أتمكن بها من تغير الواقع أو تحقيق الأحلام المنشودة، إنما أنا أتصنع هذا العجز، لأنني أملك أعظم الأدوات الكونية التي حباها لي الله وهي العقل، الذي خصني به الحق جلا وعلا دون سائر المخلوقات، فأنا كأنسان لدي العقل الذي يمنحني العديد من الخيارات التي يختار منها عقلي ما هو متناسب مع طبيعة وظروف حياتي، وهو ما ليس بموجود لدي الحيوان الذي تسير حياته وفق خطة ممنهجة يسير عليها من الحياة إلي الممات، بعكس الإنسان الذي لديه دائما العديد من الخيارات في أكثرية الأوقات، وذلك رغم وجود بعض من المعوقات في بعض الظروف، لكنه من الممكن أيضا تذيل تلك المعوقات في سبيل الاستمرار في الحياة وتحقيق الأهداف.
  أنا العاجز لأنني من يصنع العجز لنفسه، فليس معني الفقر أو قلة الحيلة وضيق ذات اليد أن حياتي تتوقف عند  ذلك المنعطف،أو أنني لم أتمكن من الاستمرار في التقدم نحو الحلم والهدف الذي شيدت له قصور عريضة في الخيال، فإذا كان عقلي هو الذي خطط لصورة هذا القصر، فمن المؤكد أنه لن يحتاج إلا إلي سواعد يدي كي تضرب بجذور هذا القصر في التراب، وبالاتحاد بين كلايهما أستطيع تكملة الحلم القديم.
  أنا العاجز لأنني أري كل المشاكل والمآسي التي تعيشها بلدي وامتلك الحل ولكن ما باليد حيلة، يعتصرني الآلم من داخل كل خلجة من خلجاتي عندما أري من يحتاج للمساعدة أو ما يحتاج للتغير والتعديل، ولا أجد ما يهدئ تلك الثورة العارمة غير حديث سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم): [ من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن فقلبه وهذا أضعف الإيمان] صدق رسول الله. وبالرغم من أنني لا أعرف مدي صحة أو قوة الحديث الشريف من عدمه ولكنني أجد أنه الدواء المُسكن الذي نستعين به جميعا لإراحة الضمير من التكاسل والتخاذل والضعف البشري اتجاه مصائب حياتنا، مؤمنين إيمانا لا يزحزحه شك بإننا لا نملك إلا الدعاء إلي الله بالفرج القريب، مُتواكلين علي الحظ والصدفة والرحمة الآلهية التي ستهبط علينا من السماء - وهذا لا يعني الكفر والعياذ بالله- دون أن نعمل من أجل الخروج من النفق المظلم إلي النور.
   أنا العاجز وسأظل العاجز حتي ولو لم أكن ذلك إذا لم التفت إلي الأمام، أبكي علي الأطلال التي لم تعد موجودة من الأساس، سأبقي أمام نفسي إنسان ضيعف هش من الداخل والخارج كهشيم تذروه الحياة طالما بدت عاجز عن تحقيق حلمي،أو تغيير الواقع المؤلم سواء كان خاص بي أو منوط بالآخرين، أو التعبير عن ما يجول بداخلي من آراء وأفكار حتي ولو لم تهم من حولي أو يلتفوا إليها، فلم يخلقني الله تعالي عبثا بلا فائدة أو قيمة كانت لذاتي أو لوطني أو لديني أو لمن بحاجة إليٍ، فبالتأكيد أنا مخلوق حي كي أعيش وأتعايش وأتاثر وأوثر في الحياة، لذا فإنا لن أكون عبثي أو سلبي.
                    فأنا لست عاجز............