السبت، 4 يونيو 2011

حق الحياة


خلق الله تعالي بني البشر مستويات ودرجات بين الغني والفقر ، والجمال والقبح ، والذكاء والغباء ، وبالرغم من هذا التفاوت الرهيب بين البشر في أشياء كثيرة إلا أنهم جميعهم منحهم الحق جلا وعلا شئ لا يمكن لأحد سلبه منهم أو التحكم فيه وهو حق الحياة .
ومن جملة ما نجد في هذا الحق هو حق المأكل والملبس والمشرب والتعليم ... وغيرها من الحقوق ، إلا أن أهم حق في هذه الحقوق هو حق التجربة . فالتجارب هي الشئ الوحيد التي تمكن الإنسان من الاستمرار في تلك الحياة ، ومن خلالها كذلك يمكن التعلم فلطالما حيا البشر فإنهم يتعلمون من تجاربهم ، وتلك التجارب هي حصيلة من الأفعال الصائبة والخاطئة ، والتعلم يكون من الصواب والخطأ سواء بسواء ، ومن لا يتعلم من أخطاءه في الحياة فلا يستحق الحياة من الأساس .
المشكلة هنا تنقسم إلي قسمين : القسم الأول وهو الخوف من خوض التجربة من الأساس خوفا من الأخطاء ، وللأسف الشديد يقع الكثير منا في فخ الخوف من خوض التجربة خوفا من الخطأ مما قد يؤدي إلي الوقوع في خطأ ربما يكون أكبر من الخطأ الذي كانت تحمله التجربة ، ومن أكثر المنتمين إلي تلك الفئة هم الآباء والأمهات الذي يخافون ويسعون بشتى الطرق إلي تجنيب أطفالهم الصغار الوقوع في المشكلة ، أو حتى التخويف من النتائج التي تترتب علي الشروع في تلك التجربة مما يؤدي إما إلي ابتعاد الطفل عن الفكرة من أساس ، وصولا به إلي عدم تعلم شئ الأمر الذي يجعله يعتمد علي آراء من خاض التجارب فلا يتعلم شئ في الحياة ، وبالتالي لن يكون لدي خبرات سابقة في الحياة فتكثر عثراته ، ومن كثرت أخطاءه قلت عثراته . أو أن يحاول الطفل الإقبال علي تلك التجربة دون الالتفات إلي النتائج أو حتى التعليمات والإرشادات التي قد تساعده علي تخطئ التجربة بأقل الخسائر الممكنة .
وبالطبع في الحالتين ستكون العواقب أكبر بكثير مما نتوقع لأننا نخاف دائما من المجهول ، وطبيعي الخوف من المجهول ولكن ليس من الطبيعي الخوف من الخوض فيه لأنه قادم لا محالة ، ولابد من المواجهة ولكن في إطار مجموعة من الشروط التي تتمثل في : الأخذ بالأسباب ، ومحاولة العمل من أجل الوصول إلي النتائج ثم في النهاية ترك النتيجة النهائية إلي الحق تبارك وتعالي .
الفكرة الأساسية التي نسعى إليها هو أننا نحكم علي الجيل الجديد من منظور قديم جدا دون النظر إلي كل ما يحيط به ، وكل المتغيرات العالمية التي تتسم بدوام التجدد ، والتي تحتاج بالضرورة إلي طرق مختلفة ومتجددة في الحياة وطريقة التفكير .
فلم يعد مثلا الكتاب هو وسيلة الثقافة لدي الشباب ، بل أنه يكاد يتراجع بدرجة كبير في وقت من الأوقات أمام التلفاز والقنوات المفتوحة والكمبيوتر والإنترنت والذي جعل العالم يبدو أمامك في لحظة واحدة بضغطه واحدة ، فبالطبع أصبح الرؤية مختلفة للعالم من حيث السهولة في استدراج المعلومات ، وكذلك سهولة أكثر في الحصول علي أي شئ في أي وقت ، الأمر الذي يجعل الشباب يصل إلي ما يريد ويجعله يعلو في التفكير إلي أكبر وأكثر مما يمكن تخيله .
لذا فالخبرة والتجربة التي هي أساس الحياة يمكن الوصول والحصول عليها من أي مكان وفي أي وقت وليس فقط من خلال خبرات وتعليم وتربية الأب والأم ، لكنه ليس معني ذلك التخلي أو أن نضرب بعرض الحائط كل ما يقولونه لنا ، ولكن علينا أن نعلمهم محاولة إحداث التوازن بين الفكرتين .
أما عن الجزء الثاني من المشكلة وهو أهم وأخطر من القسم الأول فيتمثل في عناد الإنسان ومحاولات الجاهدة في خوض التجربة ، ولكنه للأسف الشديد لا يتعلم من التجربة ، وكأنها لم تكن من الأساس ، والأدهى من ذلك أنه يمر بالتجربة مرة ومرة ، ولكن ذلك دون جدوى فقد يقع في نفسه خطأ المرة السابقة لكن دون تعلم . وأوضح مثل علي ذلك ما يحدث لنا في حياتنا اليومية وفي أمتنا العربية ، ففي اعتقادي أننا نتجاهل التجارب السابقة علينا ولا حتى نتعلم من تجاربنا أو أخطائنا التي تقريبا أصبحنا نقع فيها في كل لحظة ، فأصبحنا لا نستثمر أوقاتنا ولا مواهبنا ولا قدرتنا ولا أفكار لذا فما زالنا ولسوف نزال في ركب الدول النامية التي لا تتزحزح من مكانها ، كما أمتنا العربية لم تتعلم من الوحدة التي حدث لها من قبل أيام حرب أكتوبر المجيدة التي جعلت الأمة جميعها يد واحدة فلم يتمكن أحد من أن يقف أمامها ، ولو كان استمر هذا التكتل حتى الآن لكنا أصبحنا أكبر من النمور الآسيوية الكبرى ، لكن دوام الحال من المحال .
علي أية حال المهم لنا الآن محاولة النظر إلي الإطار العام للحياة التي تحتاج منا إلي الرؤية الشاملة لحياتنا السابقة والقادمة حتى نحاول أن نصنع مستقبل ونحصل علي حقنا الكامل في الحياة من أجل مصر .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق