الاثنين، 4 نوفمبر 2013

النشئ في خطر



النشئ في خطر
في كل أنحاء العالم الفقيرة كانت أو المتقدمة ، كانت ظروف المكان مؤاتية أو غير  مؤاتية يسعي الأطفال الصغار التأقلم مع الواقع والاستمتاع بأكبر قدر ممكن من خلال أبسط الإمكانيات المتوافرة لهم. وليس أدل علي ذلك من أن الأطفال في بلدنا يحاولون العيش مع أقل المتاح، فنجدهم يصنعون الكرة باستخدام الورق أو حتي باستخدام الجواب، أو حتي يقودهم الخيال الطفولي الواسع النقي من استخدام علب الكرتون أو الخشب المستعملة في صنع عربة لعب صغيرة يستقلها واحد ويجره الآخر باستخدام الحبال. أو حتي يقوم بتفكيك ما يمتلكه من ألعاب صغيرة في محاولة منه لاكتشاف كيف تدور تلك اللعبة.
  إن روح الابتكار ومحاولة البحث عن أصول الأشياء من أين كانت وإلي شئ ستصل هو السمة الطبيعة لحياة الطفولة التي قد تمد معه في بعض الحالات إلي مرحلة المراهقة، تلك السمة التي لا نسعي في كثير من الأحوال  إلي استغلالها لتحديد مصير هذا الطفل حتي نهاية حياته، فنعتبر علي سبيل المثل أن الحركة الزائدة التي تصدر عنه هي شقاوة في حاجة دائما إلي تقنين، وكذا كثرة الأسئلة التي قد تصدر منه عن أي شئ وكل شئ نصفها بالفضول الزائد الذي نقابله دائما إما بالتجاهل أو العقاب والتحذير من كثرة هذه الأسئلة، مع أننا لو أمعنا في دلالة ومغزي تلك الأسئلة لوجود مدي عمقها وضرورة بحثنا نحن عن إجابة لها.
  إننا في ظل ما نعيشه من تخبط سياسي طوال السنوات الثلاثة الماضية للأسف قمنا بإقحام الأطفال فيما نعيشه من تخبط، بدون وعي بأننا بذلك نضع المستقبل في خطر شديد. فإذا كنت ثورتنا ثارت ولم تهدأ لأن وجدنا الأخوان يستخدمون الأطفال الأيتام من دور الأيتام ومن ينتمون إلي الطبقات الفقيرة والمعدمة في رفع شعارات تندد بما يعتبرونه داخل عقولهم فقط بأنه إنقلاب، فنحن للأسف نخطئ جميعا نفس الخطأ بشكل مختلف، فإذا كان دورنا هو تعليم وزرع فكرة الوطنية بكل ما تحمل الجملة من معاني، فإن ذلك ليس معناه أن تفرض عليه رأيك أو جهة نظرك السياسي تجاه موقف معين وبخاصة إذا كان سنه لا يجعله يستوعب بشكل كامل مجريات الواقع السياسي ، صحيح من حقه أن يعرف كيف تسير الحياة من حوله ، ولكن من حقه أيضا أن يختار النهج الذي يؤمن به ويسير عليه.
   هناك فرق شاسع بين المظاهرات والاحتجاجات التي تخرج من الجامعات والمظاهرات التي تخرج عن مدارس الإبتدائي والإعدادى وحتي الثانوي، فهناك الكثير من الناس تغمرها سعادة كبيرة عندما تري مظاهرة يخرج بها مجموعة من طلابة المدارس تعبيرا عن هذا الرأي أو ذاك، دون نظر هؤلاء الكبار إلي تأثير وتداعيات ذلك علي المستقبل البعيد، فربما يتقابل من كانوا يقومون بهذه المظاهرات في  مراحلة لاحقة من حياتهم سواء كان ذلك في الجامعة أو العمل أو حتي يحدث ارتباط بين شخصين من هذين القطبين المنتافرين وذلك بعد مرور حقبة من الزمان علي تلك الأحداث وانتهاءها، فكيف سيسير التعامل بين الطرفين عندما يروي كلا منهما للآخر عن أمجاده في تلك التظاهرات؟، وكيف لنا ألا نفكر في وضع تلك الأطفال الصغار عندما ينضجوا فكريا واجتماعيا وثقافيا ليكتشف أن ما زُرع داخلهم منذ الصغر - بغض النظر عن أن هذا الفكر مع ذاك أو ذلك- هو مجرد وهم أو كذبة ليس لها أساس في الواقع، بل وكانت بسبب في الانهيار في أحد العصور؟
   إننا ليس من حقنا أن نعاقبك علي قناعاتك واعتقادات السياسية والفكرية؛ لأن ذلك جزء من حريتك الشخصية التي لا يشاركك فيها أحد، ولكن واجبنا يحتم علينا أن نقف لك عندما تحاول الزج واستغلال النشئ الصغير، براعم المستقبل في توصيل هذا الرأي لآخر، أو حتي إقناع ذلك النشئ بأن الفكرة التي تؤمن بها أنت هي الحق وما دون ذلك هو الباطل والظلال، فإذا كنا أخطاء في حضارنا فعلينا تدارك تلك الأخطاء في المستقبل؛ حتي لا نجد أنفسنا ووطننا في النهاية يسير في حلقة مغلقة لا تبدأ ولا تنتهي به إلي شئ، ولا نردد دائما :
" يبقي الوضع علي ما هو عليه "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق