السبت، 20 أبريل 2013

اليائسون



اليائسون
  هل تعرف لماذا يصل الإنسان لمرحلة اليأس؟ أو كيف يتحول من مرحلة الرضا والمضي في الحياة إلي ما يسمي باليأس والإحباط؟ بالطبع فهو لم يخلق يائس، ولم يكن يرضع يأسا، أو يبكي منذ نعومة أظافره من شده اليأس، بل أنه بسبب ما أصبح يعانيه من حوله تحول إلي شخص يائس ليس لديه حيله.
  بالرغم من أن الله تعالي خلق لنا العقل كي نختار الصالح من الطالح، ولكننا في كثير من أوقات حياتنا نفقد هذه المنحة الإلهية؛ وذلك إما بسبب جهل منا في التعامل معها، أو أن الظروف التي نقع فيها لا تتيح لها استخدام هذا الأوبشن، أو أن من حولنا يرون أنه ليس من حقنا الاختيار، فأنت طالما مثلا مازالت تحت وصاية أبيك فلا يحق لك الاختيار، أو أن سنك الصغير لا يسمح لك بإختيار هذا أو ذلك، فلابد من الانصياع لأوامر الكبار ؛لأنهم بكل بساطة لديهم من العمر والتاريخ والخبرات ما يؤهلهم للحكم علي الأشياء والمواقف أكثر منك لصغر سنك.
  عذر أقبح من ذنب، لأنه إذا كان يمتلك الخبرة فأنت تمتلك الإحساس الذي لديه دور كبير في الحكم والاختيار والذي يواقفك مع سنك، فوقفا للأبحاث والدراسات أثبت أطباء القلب والأعصاب أن الإنسان لديه "مخ" في القلب يوازي حجم المخ الموجود في الجمجمة، وأكدوا في ذلك أنه مخ متطور، ويمكن الاعتماد عليه كمخ قائم مستقل بذاته.
  إذا فأنت تقريبا - رغم حداثة أو صغر سنك- تمتلك قدرة الحكم علي الأشياء، وهذه القدرة بالرغم من أنها قد تخطئ في بعض الأحيان إلا أنها موجودة وجاهزة، وقد تحتاج في بعض الوقت إلي تعديلات خارجية، إلا أنه لا يمكن إلغائها، فليس من حقك أو من حق أي فرد أن يسلب منك حرية الاختيار، ليختار لك أبسط الأشياء في حياتك، لتندم علي هذا الاختيار وتتحول إلي مجرد يائس عابس علي تقوى علي القبول أو الرفض، لتتحول حياتك في النهاية أمامك إلي مجرد حجرة مظلمة لا تستطيع الخروج منها إلا بعض الإنصياع لأوامر التحرك من الآخر.
  إن اليأس قد يكون مجرد لحظة يعيشها فرد بمفرده نتيجة فشل في حب أو امتحان في العمل أو الدراسة أو فشله في حلم ، أو ربما فشله في محاولة إقامته لجسور من المد والتوصل بينه وبين من حوله، فيصبح من الداخل إنسان هش وممزق، منغلق علي نفسه.... يائس... مكتئب من الحياة ، وفي تلك اللحظة عليه أن يختار بين طريقين لا ثالث لهما: فإما أن يستمر في تلك الحالة حتي تقضي عليه وتنهي عمره وآماله ويصير إلي العدم الذي جاء منه دون أي إنجاز أو علامة يتركها من بعده، أو يسلك الطريق الآخر الذي ينتهي به بعد مشوار اليائس والإحباط - والذي لابد من إجتيازه في جميع الأحوال- إلي أن يسعي لتجديد آماله في الحياة، ويتخذ من لحظة اليأس والفشل التي مر بها - طالت به المدة أو قصرت- بداية لمشوار جديد، سواء قرر أن
يخوض هذا المشوار في سبيل تحقيق الهدف الفاشل من قبل، أو قرر اتخاذ قرار وهدف للمضي نحو هدف جديد وفكرة آخري، فأهم ما في الموضوع المحاولة التي تصل بنا للفوز في نهاية السباق بالجائزة الكبرى وهي تحقيق الحلم.
  ربما في كثير من الأحوال نترك أنفسنا فريسة لليأس، لا نسعي ولا نحاول، نستكين للفشل أو أول محاولة لم يكللها النجاح ، أو لم نصل فيها إلي النتيجة المطلوبة، لكننا بكل وضوح علينا أن نعي أنه ( لا يأس مع الحياة .... ولا حياة مع اليأس) كما قال الزعيم الراحل "مصطفي كامل"، لأنه لو كان عرف اليأس طريقا لإيمانه بقضية بلاده لما كافح وناضل في سبيلها حتي مات.
   إن كنت يائس من أي شئ في حياتك فأعلم أنك ميت لا محالة، ولا مكان لك علي خريطة البشرية، فإذا كنت يائس من حياتك ولديك اعتقاد راسخ أنك لا مكان ولا قيمة لك في هذه الحياة ، أو أنك فقدت كل ما تملكه عند أول عاصفة في حياتك ، فقط تذكر قول الحق تعالي:
 ( قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنبوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق