Sunday, February 4, 2024

سيدة حظ ياباني 2024


  أكثر من عشرين عاما مضت على متابعتي لأسبوع الفيلم الياباني في مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية وربما شعرت بمرور الدهر اليوم لأني لمحت أحد المقدمين بشعره الأبيض وأعتقد انها تعمل في المؤسسة منذ ذاك الحين ومن الممكن أن تقرؤا تلك التجارب الماضية في التدوينات التالية:

عودة الفيلم الياباني

في مهرجان الفيلم الياباني

أسبوع ياباني آخر

أو تستمتعوا بأغنية فيلم هانا مايزوكي بالترجمة الإنجليزية وبالكانجي وباللغة اليابانية ايضا

اليوم الوضع مختلف ذهبت في الموعد كالعادة وإن بدت العروض لم تعد تضبط عليها الساعة كالماضي لكن لوهلة وجت القاعة مليئة تذكرت كيف حضرت فيلم وجه جيزو الفائز بعدة جوائز عالمية أنا والسفير الياباني واعضاء اسرتي في حين مصر كلها كانت تتابع  مباراة مصر وساحل العاج في نهائيات كأس افريقيا حينما كانت لنا ريادة كروية لثلاث دورات معا في أفريقيا.

حصلت على مقعد بالكاد وكان بجواري طفل صغير ربما لأن الفيلم كارتون ياباني أو "إنمي" لكن لم ينل إعجابه ونام في إثناء العرض وأعطاني سيمفونية صوته مع موسيقى الفيلم التي اعجبتني.

يبدو الفيلم في إطار كوميدي بسيط وبفن الإنمي الياباني لكنه يحمل معاني عميقة ربما كما علق أحد الحاضرين في الندوة يتركك جائعا أو ربما جعلك تفكر في فيلم محمد خان خرج ولم يعد على فكرة الحياة البسيطة التي تتبناها البطلة ، أو ربما هو قراءة يابانية مختلفة للفيلم الإجنبي "كل وحب وصلي" "eat love Pray" انتاج 2010 للبطلة العالمية جوليا روبرتس لم الحق أن اناقش تلك النقطة مع المخرج حيث كان التفاعل كبيرا في الندوة حيث مر الوقت رغم طوله بسرعة.

وقد تحدث المخرج عن الرواية الأصلية للكتاب وكيف أنه كانت له رؤيته في ضغط احداثها كذلك عن عيش مؤلفة الرواية جزء من حياتها في مصر، والتشابه بين الواقع المصري والياباني أو التشابه بين شعبينا ، وإن كان هذا التشابه قد اوروده جمال حمدان احد طيور العنقاء المصرية في شوفينيته في شخصية مصر حينما تحدث عن العزلة التي تفرض على اليابان بوصفها مجموعة  جزر وكيف أن هذه العزلة تتحقق في مصر بالصحاري وربما حتى جعلت من يحتلون مصر يتأثرون بها ولا تتآثر بهم فنحن وإن كانت اللغة الإنجليزية موجودة لكننا حافظنا على لغتنا العربية بل اضفنا لها بعد العامية المصرية الأقوى تأثيرا عربيا.

في العادة أكتب بعد اسبوع الأفلام اليابانية ما ينتهي لكن جودة الفيلم كبداية شجعتني على الكتابة اليوم منذ بداية الأسبوع الأفلام لأني اعتقد أنه احد الأفلام التي لن تنسى من ذاكرتي مثل وجه جيزو أو ساموراي الغروب أو العاب نارية أو حتى ساموراى الطبخ الزاهد التي قلدته في تدوينة أطباق من مطبخ شيف عازب أو حتى لحن الوحدة في "تومي تاكهيتي" التي ربما كتبت مثلها في تدونية وحيد.

الستة أفلام مازالوا متاحين في جو ثقافي مصري ياباني يشهد عليه المنحة اليابانية لدار الأوبرا المصرية أو المركز الثقافي كما يحب اليابانيين ذلك.

تعالوا للاستمتاع بسينما مختلفة لكن حذار من انتظار سينما ذات لغة معروفة فإيقاع الأفلام ليس واحدا مثل السينما الأمريكية كذلك مازال هناك فيلم كارتوني آخر لعشاق الآنمي وسلاسل المانجا التي تنال عشقا خاصا في مصر والعالم العربي والدليل الوداع النهائي لكابتن ماجد ومذيعه الذي أصبح مذيعي الكرة يقلدونه وهم يطيلون كلمة هددددددددددددددددف ومع باقي الأسبوع لنا لقاء.

Sunday, January 28, 2024

جرم صغير في معرض الكتاب

 

تعرفون من التدوينات السابقة أنني حريص على زيارة معرض الكتاب إن لم اشتر كتبا فعلى أقل قليل أسأل عن أسعارها وسابقا كانت ندوات معرض الكتاب حدثا ثقافيا هاما وهناك مناظرات وشخصيات كان من الصعب أن تظهر إلى في هامش حرية معرض الكتاب حينذاك لكن سقف ذلك الهمش هبط للحضيض الآن وأصبح هناك دورا للنشر تمنع من حضور المعرض حتى بعد توكيد حجزها لمساحتها.

على أيه حال هذه المرة كانت المناسبة مختلفة فقد ذهبت لأحضر توقيعا لأبنه الخالة الصغيرة لأحدث إصداراتها "جرم صغير" وعليه كنت في الثالثة تماما بالقرب من الدار طمعا على الأقل في ملاقة الأقارب ورؤية اسرتنا الكبيرة حيث يشعر المرء دفئا في برد الحياة القارس وليس برد المناخ الحالي.

هذا بالإضافة إنني في العام الثاني على التوالي لدي ثلاث قصص في كتاب مجمع وفقا لوصول قصة سر الفراولة إلى القائمة الطويلة في مسابقة إحدى دور النشر.

في المعرض التقيت عدد من الروائيين اعرف من قبل سواء من الأوبرا أو من الندوات الثقافية التي اداوم على حضورها للمفارقة كان هناك كاتبتان تحملان نفس الأسم إحدهما إبنه فنان كبير ولديهم على ما أعرف رواية لكل منهم وكل منهم يسعى للدعاية لها سواء بالوقوف في دور النشر أو بحشد الاصدقاء من النقاد أو حتى دعم دور النشر إيضا ألتقيت "بوك يوتيوبر شهير" عرفتني عليه أيضا صاحبة جروب أداوم على النشر بها واقدر ذلك لا أرغب في ذكر أسماء أحد حتى لا يكون هذا حرجا له من قريب أو بعيد ، لكن جميعا فيما يبدو نشترك في أننا ندور في فلك الكتب ربما نحن نتهافت جميعا في عالم الكتب.

ربما الجميل في هذا العام إنني التقيت بافراد الأسرة التي تضن علينا الحياة باللقاء دوما نظرا لانشغالتنا الحياتية بعيدا عن جذورنا الإنسانية الضاربة في الأرض.

لكنني عدت لكي أقرأ الكتاب والتهمته في ليلة واحدة يحتوي على خمسة عشر فصل واستهلالا ومقدمة ربما شعرت في بعض الأحيان أننا أقارب ونكتب بنفس اللغة أو لأننا تشغلنا نفس قضايا الدين وتأثيره في المجتمع بل وكيف أن المسلم يربط حياته وجدوله اليومي مع هذا الكون ويتناغم معه  كما ذكرت من قبل في تدونية خير بداية ،وجدنى أجد كلمات كتبت مثلها في تدوينات مختلفة لكن فكرة أن تكتب للأطفال أو حتى في توجيه الأطفال كانت حتى أحد مشاريعي الغير مكتملة بتكوين حضانة للشطرنج أي استخدام الشطرنج في تعليم الاطفال الكلمات والحساب ، لكن الكتاب يقدم رؤية لا نقول إسلامية بقدر ما هي رؤية تربوية للأطفال من منظور إسلامي سواء كيف نقرب المفاهيم للأطفال من خلال رحلة داخل وادي الحيتان لا أعرف إذا كنت احرق المحتوى لكن اتصور أن قراءة الكتاب أفضل للجميع لأنه يحتوي على الكثير من الأفكار لتوصيل معاني العقيدة، وليس مجاملة أن الكتاب رحلة جميلة داخل ذلك الكون بدءا من قاع المحيط حتى إلى النجوم بإسلوب ميسر وجميل وربما ما أعجبني فيه أنني كنت أيضا أجد نفسي فعلى الأقل فكرة التسابيح أو حتى فكرة التفكر في الكون من خلال محمية طبيعية هي نقلة جميلة جدا من عبر محمية وادي الحيتان وربطها بحوت يونس أو حتى فكرة الاستدامة التي نسعها إليها جميعا لكي ننقذ الأرض من تغييرات المناخ، ثم الأصطحاب عبر رحلة بداية الخلق وفكرة الزمان والمكان أو قل الزمكان كما يحب إينشتين أو من يعربون أفكاره على الأقل وفكرة وجودنا الإنسانيكخلفاء لله على هذه الأرض والعهد الإلهي أو الميثاق كما سماه الكتاب ، الألطف أنني كنت اجد نفسي فقد اعياني البحث عن كتاب العطار منطق الطير ووجدته يومها لأجد في الكتاب فصلا عن محاكمة الغربان وفكرة قصص القرآن عن الغراب وارتباطنا بهذا العالم من أكثر من محور وكيف إننا جزء من هذا العالم بتكوينه الكبيروحتى بنطف الحياة الأخرى على الأرض من حيوانات وطيور ثم الانتقال إلى رحلة تدبير هذا العالم وصانعه ومعجزته وأن يكون الإنسان مطمئنا بأنه هناك رزاق وفكرة أن البحث عن الحقيقة ليست أساسها الشك بل أساسها اليقين وكيف نرى حجمنا كجرم صغير في هذا العالم الكبير جدا ربما هذا يجعل المرء يكبر الآله العظيم أو يحمده أو حتى يتفكر دوما في كونه والآءه ونعمه علينا ويبحث عن صراطه المستقيم.

هل أقول أن الكتاب يلتمس طريق أحمد بهجت في قصص الحيوان في القرآن أم هو قراءة جديدة لجزء منها ، أم أقول أنه فكر مصطفى محمود عبر التفكر في هذا الكون وربما وجدتموني كتبتها قبل ذلك في تدوينة  فرائضنا الغائبة ،ربما الأغرب هو ذلك الفصل الأخير الذي فكرني برائعة باولو كيولو الخيميائي وبحثه عن الكنز, علي أيه حال حتى يستقيم النقد ولا يكون مقالا لمدح أبنه الخالة وجهدها الجميل فلم يعجبني عدم وجود فهرس للكتاب حيث تعلمت فكرة الفهرس وأنا صغير أنه وسيلة لجعلك تتفكر في نهاية الكتاب بعد قراءة عناوين الفصول لكي ترسخ أفكاره ولم يعجنبي أيضا أن الكتاب كان يحتاج إلى المزيد من الفصول بتلك القراءة الجميلة لنعم والآء الله ، عزائي الوحيد أننا جميعا نؤمن أن التجويد فريضة اسلامية علينا جميعا نطمح بها مع الطبعات الجديدة إن شاء الله أو عبر استكمال هذا المنهج في كتب أخرى إن شاء الله موفقة إن شاء الله يا أبنة الخالة الصغيرة أتمنى أكون وفيت ما طلبته مني بعد القراءة.

 

Saturday, January 27, 2024

سر الفراولة

 

أخذت أشد يد بني وأكاد اسحبه معي بسبب تعنته الشديد في السير بسبب سحبي جهاز الجوال منه واعتراضه على ذلك، وتذكرت أحلامي البسيطة في مثل سنه وأنا أمشي مع والدتي فخور بكلمات والدي وهو يقول لي اذهب مع والدتك كي يكون معها رجل يحميها.

واختال بنفسي وأنا أمشي بجوارها بطولي المتجاوز ركبتها قليلا وأنظر للجميع كأني حارس شخصي لها، ربما لذلك سوف أحب لاحقا في سنوات مراهقتي فيلم "حارس الأمن" "لكيفين كوستنر" الذي ظلت أغنية الفيلم "لويتني هيوستن" دائما سوف أظل أحبك أغنيتي المفضلة لوداع كل حبيبة حتى تعرفت إلى زوجتي التي لصراحتي معها عن قصص حبي السابقة لا تطق أن تراني أسمع تلك الأغنية وعد سماعها من المحرمات في المنزل أو حتى في السيارة، ولأني وصلت لسن ذلك الزوج الخاضع لأوامر الحكومة المنزلية وأحاول إثباتا أني مواطن صالح فأنا لم أعد اسمعها أو حتى أرددها بيني وبين نفسي.

كنت طفلا بسيطا ليس لدي أحلام تكنولوجية هو عنيد مثلي، لكن كوب عصير كان أقصى أحلامي في الخروج مع والدتي وأنا أقدم دور الحارس أو الرجل على مسرح الحياة تبسمت قليلا وأنا أتذكر شريط ذكرياتي البسيط وتطلعت لمحل العصير وقلت ربما تكون تلك فكرة جيدة لأخرجه من عناده واقترحت عليه كوبا من العصير وحاولت تصنع الدور الأبوي وأعطيته الخيارات وقلت له تحب قصب أم فراولة.

نظر إلي بنظرة تحول فيها الغضب إلى قليل من التجاوب ورد بقليل من التأفف حتى يشعرني أنه يتفضل علي بالموافقة: أشرب فراولة.

قلت في سري ابن أبوك فعلًا وتذكرت والدتي حينما كانت تأتي لي بالفراولة كولد وحيد على ثلاث بنات ونأخذ معنا عصير القصب للبيت وأشاركهم فيه أيضا، وكل مرة احد أخواتي تكتشف أنني شربت فراولة ولا أعرف كيف؟ وظل هذا السر خفيا عني حتى الآن كل مرة كن يكتشفن ذلك دون أن أنبت بشفة أو حتى أقول كأنه مرسوم على وجهي أنني شربت الفراولة بدونهم وكأن شفتي تعلن فخرا أني تجرعت الفراولة دونكم، وكانت والدتي تنبه علي ألا أقول لأن هذا كان يتسبب لوالدتي في حرج مع بناتها حينما تسمعهن يقلن "طبعا ديك البرابر"، كانت أيام جميلة "ديك البرابر" الآن تحول إلى شبه "كتكوت" مع حكومة منزلية تدقق في أزمة منتصف عمره وحكومة رسمية رشيدة تصب في مصلحة المواطنين الشرفاء كل يوم بقراراتها الرشيدة جدا.

 يبدو أنني  أتدثر كثيرا بذكرياتي في تلك الأيام هربا من برد الحياة القارس في منتصف عمري، طلبت له كوبا من الفراولة وطلبت لنفسي عصير قصب صغير في ظل ظروف اقتصادية حالكة السواد لم تتغير كثيرا عن وقت والدتي حيث مطلوب من المواطن أن يصبر ويربط الحزام حتى نعبر عنق الزجاجة البادي أصعب من عبورنا خط "بارليف" ولكني حتى لا أملك تلك البحبوحة التي كانت تملكها لأشتري لبقية أفراد الأسرة حتى عصير قصب ونحن قرب نهاية الشهر وأعيش تلك الأيام على الحافة حتى يأتي الفرج مع راتب الشهر الجديد كأي موظف حكومي محدود الإمكانات لا يتبقى من عقله المحاسبي إلا تلك الآلة الحسابية التي تحسب تأثير صرف تلك الجنيهات القليلة على استمراره طافيا حتى نهاية الشهر كديناصور من الطبقة المتوسطة الطافية في الحياة بمعجزة إلهية وتقترب من الانقراض في بر مصر كله.

شربنا العصير وعدنا إلى المنزل عانقتني ابنتي "لجين" فور وصولي وقالت لي: بابا جبت حاجة حلوة، ناولتها كيس التسوق وأشرت لها أن تأخذ قطعة وحيدة من علبة الحلوى وكررت لها واحدة فقط من أجل الباقي للمدرسة صباحا.

دقائق قليلة وقبل أن أخلع ملابسي سمعت صوت عراك بين ابني وابنتي أمر عادي لا جديد فيه، وسمعت زوجتي تتدخل كالعادة ثم تعود لي لائمة: أنت جبت "لمصطفى" عصير فراولة كان لازما تجيب لبنتك أيضا وكنت تفكرت بي معهم يا سيدي، وطبعا استطردت في تهكمات أخرى توافق زوجة أصيلة تقضي وقت فراغها في متابعة برامج حقوق المرأة وكلام عن المجتمع الذكوري وكل هذا الهراء الذي يأتيك حتى لو فتحت صنبور المياه هذه الأيام، في الواقع لم يشغلني كل هذا الحديث الذي عد منهج محفوظ بالنسبة لي وأستطيع أن أسمعه غائبا مثلما أقرأ الفاتحة في الصلاة، ولم أرد ولكنما شغلني هو كيف تم اكتشاف سر الفراولة؟، ترى هل استطيع بعد ذلك العمر الطويل أن أكتشف السر، لذلك تمتمت بحزم لا يتناسب مع زوج صالح في مجابهة الحكومة المنزلية: أنا سوف أتصرف.

ناديت مصطفى وأعطيته الجوال ليلعب به أخذه وانطلق سعيدا إلى غرفتهم.

"لوجي" حبيبتي تعال هنا كان علي أن ادلل حواء الصغيرة كي أصل إلى السر.

أمام ذاك الحزم غير المتوقع تهكمت زوجتي أكثر كيف أنني أحطم قواعد التربية، وأشرت لها خلسة أن تصمت وتؤجل لومها حتى لا يكون الأمر أمام الأولاد وأنا أعرف أن ربما كان تلك عاقبته على شخصي وخيمة فسوف يكون لوما منفردا، وفهمت إشارتي وانسحبت غير راضية بالطبع إلى المطبخ كالعادة لتكمل مسيرتها كزوجة صالحة في يوم الإجازة، أعرف أن الأمر لن يكون يسيرا وأنني سوف أحظى ليلا بمحاضرة عن أصول التربية والتنشئة التي أحطمها فضلا عن اللوم الأساسي بنسياني الحقوق الأساسية لزوجة مفترسة.

أعطيت "لجين" قطعة أخرى من الحلوى وسألتها بهدوء يناسب محقق في شرطة "سكوتلانديارد" أو "كشارلوك هولمز" محقق الروايات الانجليزي الشهير، لا أعرف هل ما زلت متأثرا بالاحتلال البريطاني الذي جثم على مصر سبعون عاما لكن هذا الجو الربيعي لا يصلح له معطف "كولومبو" نجم حلقات التحقيقات الأجنبية الشهير خرجت سريعا من أزمات هوياتي وقلت لبنتي بحنان "مصطفى" هو اللي قالك إنه شرب فراولة.

ردت علي ببراءة وعينيها مترقرقة بالدموع: لا أنا شفت الفراولة على القميص وكمان شفايفه لونها أحمر.

عمر طويل مضى والآن فقط عرفت سر الفراولة بواسطة أبنتي التي لم تتجاوز العاشرة، إضاءات فلاشيه أخذت تسطع أمامي لملابسي وفمي الأحمر حينما كنت أتجاهل النظر إلى أخوتي صغيرا حتى لا أجعلهن يكتشفن أنني شربت الفراولة من دونهم وكأنهم سوف يقرؤون سر الفراولة المكتوب على جبيني، ولكن في كل مرة كن يكتشفن، ترى هل أتصل بأختي الأقرب لي سنًا وأقول لها أنني اكتشفت السر بعد هذا العمر الطويل!.

لكن علي أول أن أكافئ فلذة كبدي الصغيرة التي أخذت بيدي إلى السر لتلك أخذتها من يديها بحنان واشتريت لها كوب كبير من عصير الفواكه المختلطة معًا التي تطلق عليها محال العصير "فخفخينا" ضاربا بأزمتي الاقتصادية عرض الحائط.

ربما سوف أقترض من أحد زملائي العزاب لو تأخر الراتب لكن كله يهون في سبيل اكتشاف السر الغائب عني لمدة تقترب من الثلاثين عام بقع القميص أو الشفايف الحمراء، نعم لم أخرج من أزمتي الاقتصادية وأتفكر دوما في أزمة هويتي ولكن على شفتي تلك الابتسامة الرائقة في محنة منتصف العمر وذلك لأن عقلي قر باكتشاف سر الفراولة.


Tuesday, January 23, 2024

Tuesday, January 16, 2024

ثلاث قصص في كتاب مجمع للعام الثاني

                            

         معرض الكتاب 2024


ثلاث قصص في كتاب مجمع 
هي :
معرض الكتاب 2023


ثلاث قصص في كتاب مجمع
هي:

شكرا دار الملتقى 





Monday, January 15, 2024

مائة يوم


ماذا يكتب المرء بعد مرور مائة يوم على ما يحدث في غزة؟

هل تتماهي مع الجميع وتكتب حتى تنال قراءة اكثر ؟

هل ترتاح بأن تشارك منشورا مع الاصدقاء ؟

هل سوف يوقف النزيف؟

تختلط العديد من التساؤلات في رأسي أيام كثيرة لا اريد أن اكتب أيام اخرى اهرب من أن اتابع الاحداث وادفن نفسي في محاولة إنهاء أي رواية لدي ، محاولة بائسة للهروب من الغرق في مستنقع النزيف

هل علي أن اوجه السهام للجميع واجلس سعيدا في منشورا على الدماء النازفة؟ أم على الاطفال الذين يتسولون البسكويت على الحاجز المصري أم على النزيف اليمني الذي يحاول أن يجاهد؟

أم أطمئن مع فئة جديدة من المطبعين العرب الذين يفتحون اجواءهم لحماية الاجواء الإسرائيلية أو حتى لمهاجمة اليمن ؟ أم ارتاح واستخدم تعبير الحوثي ؟

هل تبدو الملهاة العربية التي نعيش فصولها قريبة من الانتهاء؟ أم اننا نغرق في كثير من الوحل؟

هل نظل نحارب بالكلمات كما قال نزار؟ ونحمي القبيلة؟ أم هل نوجه اللوم لعناصر حماس لأنها عرت الأمة في عجزها وجعلت الجميع ينظرون أن بحشد بسيط لما تملك من قوى قد ترهب عدوك أو على الأقل تؤلمه؟

هل تبكي على عزل غزة عن الضفة ؟ في معركة ؟ أم تبكي على رفاق القضية الذين يأكلون بعضهم البعض؟

هل تنظر إلى المكر الإسرائيلي ؟ وترى كيفية عزل أماكن القتال والاستفراد بكل أخ على حدى؟

أو حتى المكر في الحديث عن القتال على سبعة جبهات لتغطية العجز أمام إمكانيات حماس البسيطة.

تبدو الكلمات دوما عاجزة ربما البدء كانت الكلمات هي التي تنير كما يقول الكتاب المقدس أو حتى مقولة أقرأ كأول أيه في محكم التنزيل لكنها تبدو عاجزة عن وصف تلك الحالة من السيلان العربي والصمود لأهلنا في غزة ، رغم تحولهم في ذهننا إلى مجرد أرقام

محاولة اختزال القضية في المائة يوم ربما عبث آخر فدولة الإحتلال تسير نحو عامها الثمانين كدولة أما كخطة فالمسألة اقدم كثيرا ، هل علينا أن ننام قرري العين طالما أن القتال بعيد عن بيوتنا أم أن الاطماع الإمبريالية لا تتوقف وأن حماية الإمارة الصليبية العبرية تتم تحت دعم الرئيس الأمريكي شخصيا الذي يرانا مجرد جانب آخر حتى لم يعطنا صفة الوحوش التي اعطاها لنا وزير الدفاع الإسرائيلي.

هل ابدو أطرح المزيد من الأسئلة ولا أملك إجابات ؟ هل كان علي أن اكتب مائة يوم من الاسئلة الصعبة؟

أم انني عاجز عن حتى التفكير والكتابة ؟ أم ان القلم يستطيع أن ينساب أكثر فأكثر يتكلم عن حالة القتال العربي كما قلتها من قبل في تدوينة عبثية النضال العربي أو حتى أطمئن وأنا مقاطع لبعض السلع الغربية رغم أننا افضل بلاد استهلاك منتجات الإمبريالية العالمية ، هل ابحث عن إنقلاب عسكري إسرائيلي ؟وابحث عن الخلاص عند العدو كما يحلو للجميع الآن إذاعة الخلاف السياسي الداخلي الإسرائيلي بينما عجلة القتل والتدمير لا تتوقف وحتى عجلة التفاوض على تفريغ غزة لا تنتهي بدءا من دفعهم إلى الحدود مع مصر مرورا بالممرات الآمنة لقبرص أو حتى التفاوض مع نيوزلاندا وكندا ام مع الدولة الأفريقية؟

هل المعرفة هي نقمة والتحليل هو غمة سوف تجعل المرء دوما في كآبة ؟ أم أن علي أن أهلل مع كل فيديو للمقاومة وهو يزيق الجيش الذي لا يقهر مرارة الهزيمة بإمكاناته البسيطة بينما هو كجيش يفخر بأنه الافضل في العالم والأطهر ؟

هل أرتاح بأن اقرأ قصائد نزار عن وفاة العرب أو حتى راشيل واخواتها لكي ارتاح من التماهي مع التطبيع العربي ؟ واستكمل حياة نكبة جديدة بدون عنوان

أم أتحدث عن المعبر وأحاول تبرئة دولتي أم ابقى صامتا ؟

ام ترانا نحتاج نبكي جميعا بكاء النساء على ما لم نستطيع حمايته كرجال وكل ما نفعله أن ننتظر دورنا في صف التدمير وإعادة البناء ونهب الثروات وانتظار مزيدا من الصفقات الخاسرة أم نظل في إحلام التحرير من النهر إلى البحر؟.

Sunday, January 7, 2024

المقاطعة

 

يطرح هذا السؤال عليك يوميا هل أنت مقاطع أم لا ؟ في الحقيقة أنا من أوائل المقاطعين منذ سنوات التسعينات بدأت بالبعد عن المشروبات الغازية كمقاطع حينما كانت حملات المقاطعة بادئة حينما كانت قضية البوسنة والهرسك وكان الشعار حينها قاطع منتجا تنقذ مسلما واعتقد أن آخر زجاجة مياه غازية شربتها كانت عام 1993 الآن حينما اشرب كوب مياه غازية بالخطأ ويطلع ماء غازي لا استسيغه تماما ومنذ ذلك الوقت لم اتوقف عن المقاطعة لكني وجدت للأمر فوائد صحية بعد ذلك قاطعت الشاى بوصفه موروث عن الإحتلال الإنجليزي وكان كوب الشاي بلبن الصباحي مقدس بشكل غير عادي حيث أنني استطيع أن اعيش عليه طول اليوم أهم حاجة أن اكون خدت الشاي بلبن الصباحي لكن في مرة دخلت مع صديق مدخن تحدي حينما حاولت أن أتحداه بشأن عادات الأنسان وحيث أنني ضد عادة التدخين تماما وربما تقرءون تدوناتي أنت تستحق بداية جديدة أو حتى الانسان ذوالعادم لتعرفه وكان يعرف قضية الشاي بلبن ومنذ ذلك الوقت واسفر التحدي عن اني اصبحت لا اشربه ولم اعد اشربه إلى الآن وتحولت إلى المشروبات الشوفينية المصرية الحلبة والنعناع والينسون وأصبحت مؤمنا بأن هذه المشروبات لا تكلف الدولة أيه دولارات وهكذا كل فترة دخل في حياتي مقاطعة جديدة حينما كنت ارى النسكافيه كيف انه صاحب الماركات العالمية وهو في الأصل يأتي من منتجات الدول الفقيرة وربما تتابعوا الحديث عن تلك المشروبات في تدونية مشروباتي الروحية.

واصبحت المقاطعة بالنسبة لي اسلوب حياة وأن كان من الصعب على المرء أن يذهب إلى زيارة واصبحت اجهد من أقابله لذلك اصبحت عدت للنسكافية بشكل اجتماعي والقهوة أيضا لكن ليس بشكل دائم ورأيت حلقة الشقيري الشهيرة عن القهوة وكيف أن الموكا هي أصلا تعود إلى ميناء المخا اليمني لكننا أصبحنا ندمن تلك الاسماء الغريبة ونقف بالطوابير عند شركات القهوة الأجنبية.

واتذكر موقف في احداث المقاطعة أنني ذهبت أنا وصديق لي ليلا إلى احدى فروع المحلات الاجنبية التي تقدم البيتزا وحيث أنني من مدمنى سلطات تلك المحلات وفوجئنا بأن المحل كل يستقبلنا بالترحاب وكل دقيقة يأتي أحدهم ليطمئن إذا كان الأكل نال رضانا بما فيهم مدير الفرع واكتشفنا في النهاية اننا كنا الزبون الوحيد الذي دخل الفرع في حينها طوال اليوم.

لكن المشكلة أن المقاطعة تؤذي بعض العاملين المصريين واتذكر جيدا الماركت الشهير الذي فتح في مصر واستخدم اساليب دعاية مختلفة دون أن يصرف مبالغ كبيرة حيث كانت شنطته تملا مترو شبرا حينما فتح فرع شبرا وأكبر محلات السوبر ماركت الصغيرة على الخروج من السوق حينما فتح فرع الهرم وشنت في حينها حملة أنه ذو اصول يهودية وأنه يحاول أن يخرب الاقتصاد المصري وفي النهاية خرجت الشركة بالفعل من مصر وخسر الشريك المصري الكثير نعم المقاطعة سلاح حاد وناجز منذ أن اخترعه غاندي لكن في بعض الاحيان تدار حملات ليست حقيقة مثل تلك القضية الشهيرة.

هل أنا ضد المقاطعة الآن؟ لا على العكس أنا مع المقاطعة وعلى الشركات التي تستخدم علامات تجارية عالمية أن تقوم بإنشاء علامات مصرية وأن تدار بنفس الطريقة الاقتصادية التي تدار بها الفروع الكبرى لديهم القواعد عليهم فقط أن يطبقوها ويقدموا منتج مصر جيد لماذا لا يكون هناك مثلا بيتزا عربي أو حتى بيتزا توت أو أي ماركة تكون مصرية أو عربية بمعايير محددة وبقيمة سعرية واحدة في كل المحلات مثل طريقة المحلات الأمريكية السريعة.

واحد من افكاري قبل أن يطبقها مطعم الوجبات الامريكية السريع هو بيع الفينو بالطعمية أو تقديمها على طريقة البرجر الأمريكي وربما تتذكروا حينما قام شعبان عبد الرحيم بتلك الحملة ونجحت إسرائيل في وقف إعلانته بوصفه شخص معادي للسامية والمشروع لم ينجح ، لكننا لم نقدم تلك الافكار وحتى سلاسل مطاعم الوجبة الشعبية الاساسية في مصر الفول والفلافل لا تلتزم بالقواعد فهذا المطعم يبيع بسعر وهذا يبيع بسعر آخر بل أن مستوى الجودة للأسف الشديد يختلف من فرع إلى آخر وصفة النجاح معروفة لكننا لا نحب أن نطبقها ، ربما قضية المقاطعة تذكرنا بأن علينا أن نشجع المنتج المصري بل أن نفكر في انتاجنا وجودته ربما ننظر حولنا ونرى كم منتج مصري وكم منتج اجنبي أيضا صناعة "البراندات" المصرية التي لها جودتها ربما بدأت بعض الشركات تصنع تلك العلامات التجارية لكن للأسف الشديد هم قلة من يلتزمون بالمعايير الاحترافية.

أنا مع المقاطعة لكن بالنظر إلى الحقيقي وغير الحقيقي والنظر إلى العلامات المصرية مع التزام العميل في مصر بدعم قضايانا أو تقديم قروض أو دعم للقضية الفلسطينية ومع التفكير في خلق صناعة مصرية حقيقية والأهم من ذلك هو التجويد وخلق فرص مصرية والأكثر أهمية هو أننا لا نمشي وراء سعار العولمة ونصبح مجموعة من المستهلكين وايضا نجاهد انفسنا ضد عادتنا السلبية مع المنبهات ومع فكرة أن نسير خلف القطيع العالمي ونسير وراء ثقافة "البراندات".